الخميس، 19 يونيو 2014

حزب الله في العراق؟

حازم الامين

 موقع "Now"

 

سأل لبنانيون كثر في الأيام القليلة الفائتة عن احتمال أن يُرسل حزب الله مقاتلين إلى العراق، على غرار ما فعل في سورية! 

لسذاجة وضعف في الفطنة كان كاتب هذه السطور استبعد أن يُشارك الحزب في القتال في سورية. سورية بلد كبير ومترامٍ وتأثير الحزب يبقى محدوداً، ثم إن الخسائر ستكون كبيرة. الى أن أعلن الحزب رسمياً أنه يُقاتل هناك.

الأسباب السورية للتردد في الذهاب إلى القتال إلى جانب النظام هناك تبدو في الحالة العراقية مضاعفة. العراق بلد أكبر من سورية، ومشاكله أعقد، والقدرة على التأثير في الوقائع أدنى منها في سورية. وعلى رغم ذلك على المرء أن يتردد في الحسم في أن الحزب لن يذهب للقتال هناك. فما رشح من كلام السيد حسن نصرالله الأخير يؤشر إلى احتمال المشاركة. ويؤشر أيضاً إلى أن مسألة "حماية المقدسات" انتقلت لتحل مكان تحرير القدس.

القول بأن الحزب لعب أدواراً كبرى في الحرب السورية ينطوي على مبالغة. لعب أدواراً محددة، ودفع أثماناً كبرى على صعيد الخسائر البشرية، وأيضاً لجهة تهشم صورته على نحو غير مسبوق.

ثم إنه اليوم أسير المشاركة في القتال. فقد صار واضحاً أن الحزب في سورية مصلحة أميركية واسرائيلية أيضاً. واستمرار القتال يشكل بحسب استراتيجية أوباما فرصة لاستنزاف إيران وفروعها الإقليمية، وهو يعني أن النصر في سورية ممنوع على أي طرف.

كلفة الذهاب إلى العراق ستكون أكبر، على المستوى البشري على الأقل، لكن ربما تطلب الأمر "تضحيات"، على رغم أن المنطق ينفي ذلك. فالحزب في سورية قاتل في القصبات القريبة من الحدود مع لبنان، وفي حمص وفي منطقة السيدة زينب. ولنقاط القتال هذه صلة بهويته الطائفية والمذهبية، وبوظائفه المباشرة كجهاز إقليمي.

في العراق المهمة أوسع بكثير، وخط الانقسام المذهبي هناك أشبه بشفرة سيف.

اللبنانيون حين تساءلوا، كان دافعهم بالدرجة الأولى البحث في ارتداد مشاركة الحزب في العراق على لبنان. على المستوى الأمني، انتقام داعش لن يكون سهلاً في حال توفر حد أدنى من النصاب السياسي والأهلي. هذه معادلة فهمها الحزب. إقصاء السنة اللبنانيين يوفر بيئة لداعش. أما على المستوى السياسي، فقد شعر اللبنانيون في الآونة الأخيرة أن حزب الله أدار ظهره لقضاياهم وانشغل حتى العنق في الوحل السوري. مرر الحكومة ومرر زيارة البطريرك الراعي اسرائيل، وانكفأ إلى حد ما عن السجال الداخلي. وسيكون للمشاركة في العراق نتائج مشابهة.

بعض الخبثاء من خصوم الحزب يريدونه أن يذهب إلى مزيد من الحروب في الخارج، وهم تأملوا خيراً بكلام السيد حسن الأخير.

هؤلاء يا سيد حسن خصوم خبيثون. ثمة خصوم غير خبيثين يتمنون أن لا يذهب الحزب إلى العراق، ولو أنه لم يكن قد ذهب إلى سورية. لو أنه حزب لبناني. فقط لبناني. حزب طائفي لبناني يسعى وراء مصالح الجماعة التي يُمثلها، ولا يدفع للجماعات الأخرى، من حصة جماعته، أثمان مشاركاته في حروب خارج الحدود. 

وثمة وجه آخر لهذه المشاركات، تتمثل في أن آلاف العائدين من القتال اختبروا على تلك الجبهات البعيدة أنماطاً من التشيع كانت عقود العيش في لبنان قد امتصت بعض غلوائها. اليوم يبدو أن شيئاً عاد ليتسرب. علينا أن ننتظر ونراقب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق