الاثنين، 31 يناير 2011

مطلوب خطوة كبيرة للمعارضة مقابل خطوات النظام الصغيرة


الظاهر أن النظام يحاول امساك التحرك بواسطة الجيش. وانه اعاد الشرطة الى الشوارع بما يشبه الاستجابة لاستغاثات المواطنين. وهناك محاولة لانهاك المعارضة باطالة مدى التحرك وتعريض الامن لمزيد من الاهتزاز. وهذه مجموعة عوامل لحمل الناس العاديين على الخوف على اولادهم وبيوتهم ووظائفهم.
وجاء رئيس البرلمان فتحي سرور ليجرب من جهته امتصاص الغضب بخصوص تزوير الانتخابات التشريعية في نوفمبر الماضي بالحديث عن الاهتمام بقرارات محكمة النقض في الطعون المقدمة. وزير الدفاع زار القوات امام التلفزيون ليبين ان الجيش لا يزال على الولاء لمبارك. ومدد النظام حظر التجول من الساعة 3 بعد الظهر. التلفزيون المصري والعربية يشددان على الجانب الاجرامي والنهب والاعتداءات حتى يخاف الناس. من الضروري ان ترد المعارضة بحركة دراماتيكية، طالما ان الحكم غير قادر على القيام بمثلها ويلجأ الى الخطوات الصغيرة والجزئية. التظاهرة المليونية فكرة ممتازة في هذا السياق

حسام

الأحد، 30 يناير 2011

غموض في أسباب إقصاء الحريري... رغم الحاجة إليه!

يغيب عن كثير من الباحثين في مستقبل الحكومة اللبنانية العتيدة التي كُلف نجيب ميقاتي بتشكيلها على نحو دراماتيكي، ان المهمة الفعلية لها ستكون تحديد كيفية تعاطيها مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وهذه المهمة ستُحدد وجهة التعاطي مع هذه الحكومة، على المستويين العربي والدولي.
ومن دون ان يشعر المرء بوطأة تبني تعريف تيار المستقبل وإعلامه للرئيس العتيد بوصفه «مرشح حزب الله» لرئاسة الحكومة، فإن هذا الوصف على ما فيه من حنق واضطراب، فيه أيضاً قدر كبير من الحقيقة. وبغض النظر عن مضمون التحريض الداخلي والطائفي الذي يستبطنه، فإن وضعاً ثقيلاً يمليه هذا الواقع سيواجه الرئيس العتيد، وستنجم عنه مفارقات كثيرة. ذاك ان ميقاتي، القادم الى السياسة من عالم المال والاعمال، والقادم الى الأخير من سياق تدرج عائلي مديني هادئ، ابن خبرة مختلفة عن خبرة «المواجهة» التي تمليها المهمة الرئيسة المناطة بحكومته. وهنا لا نتحدث عن المواجهة الداخلية التي قد يستعين الرجل فيها بالنفوذ الميداني للحلفاء (على ما في هذه الاستعانة من محاذير)، او بضغوط اقليمية تُهدّئ الخصوم المحليين، او حتى تزجرهم، انما نعني هنا المواجهة مع مجلس الأمن، ومع الولايات المتحدة تحديداً.
الاشارات التي أرسلتها واشنطن منذ تكليف ميقاتي وحتى اليوم، بدأت بتصريح لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اعتبرت فيه ان ميقاتي مرشح حزب الله. وقد يبدو هذا الكلام من باب رد الفعل غير المحسوب، لكن تدرج الموقف الأميركي عاد واشتغل على نحو حدد للرئيس العتيد وجهة تعاطي واشنطن مع حكومته، وجوهره: «مدى التزام الحكومة اللبنانية بتعهداتها الدولية». والتعهدات الدولية لا تقصد واشنطن منها سوى قضية المحكمة الدولية، اذ ان المسألة الثانية في سلّم تعهدات لبنان الدولية، أي القرار 1701، ما زال الالتزام به حاجة لبنانية لا داعي للتذكير بضرورته.
فإذا أضفنا الحقيقة الأولى (دور حزب الله في تسمية ميقاتي) الى الحقيقة الثانية (وجهة تعاطي واشنطن مع الحكومة العتيدة)، حصلنا من دون شك على نتيجة واضحة تتمثل في صدام منتظر بين حكومة ميقاتي والادارة الأميركية. وقد يكون الكلام عن عقوبات محتملة يتعرض لها لبنان جراء عدم التزامه «تعهداته الدولية» من باب التهويل على ميقاتي، اذ ان لهذه العقوبات قنوات وشروطاً غير متوافرة حتى الآن، الا ان قدرة واشنطن على إقلاق شخص مثل ميقاتي كبيرة، وقد تبدأ بتحويله الى هدف لعقوبات أميركية خاصة، وتمر باستعمال نفوذها الاقليمي لمحاصرته، وصولاً الى وقف مساعداتها المباشرة.
الرئيس العتيد سيشكل حكومة بمساعدة حزب الله في وقت تحصل فيه مواجهة بين العالم بأسره وبين ايران حول ملفها النووي. هذه الحقيقة سترخي بثقلها أيضاً على وضع ميقاتي، فهو اختير وفق منطق آخر، وهو اذ يسعى الى تأمين شرعية أخرى لترؤسه حكومة يتمتع فيها حزب الله بنفوذ كبير، ستتولى المواجهة بين ايران ومحيطها تبديد مساعيه هذه، خصوصاً في ظل قدرته المحدودة على التحرك في معزل عن واقع ان حكومته انما هي خيار حلفاء ايران في لبنان. وقد يكون الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، وخلال ترؤسه حكومته التي أسقطها الحزب في الاسابيع الفائتة، ضحية لواقع من هذا النوع، اذ انه ترأس حكومة للحزب فيها نفوذ كبير، لكن العالم يعرف ان وصول الحريري الى السلطة كان بعد منازلات انتخابية وغير انتخابية مع حزب الله، ويعرف أيضاً ان حكومته كانت واقعاً قَبل فيه حزب الله، ولم تكن خياره الأمثل. أما اليوم فعلى ميقاتي ان يُثبت كل يوم قدرته على التخفف من نفوذ الحزب، وهو ما لا يبدو ممكناً حتى الآن.
على المستوى الداخلي صار واضحاً نوع الصعوبات التي ستواجه حكومة ميقاتي، وهو وإن أبدى ثقة بالنفس على مواجهتها، وهو ما فعله حتى الآن، فإن الأثمان على هذا الصعيد ستكون مرتبطة بمستقبل الرجل وليس بحاضره. وللوقوف في وجه مشاعر الطائفة في لبنان أثمان سبق ان دفعها سياسيون كثيرون. فالرئيس سليم الحص وعلى رغم موقعه الاخلاقي تقاعد سياسياً بفعل ذلك، والرئيس عمر كرامي لم ينجح في دورتين انتخابيتين في أعقاب فعلة مشابهة.
الأرجح ان ميقاتي أقل تعرضاً من سلفيه لاحتمالات من هذا النوع، والفرصة التي يملكها لتخفيف الخسائر تتمثل في مدى نجاحه بتأمين غطاء عربي لقبوله ترؤس الحكومة، في وقت لا تلعب عوامل كثيرة، ربما كان العامل الداخلي أقلها تأثيراً، في مصلحته.
لكن السؤال الذي لا اجابة عنه حتى الآن هو عن السبب الحقيقي لإبعاد الحريري. فإذا كان حزب الله ومن ورائه سورية، يشعر بأن المهام المطلوبة من الحكومة هي ما وُضع أمام ميقاتي، فإن الصعوبات الهائلة التي ستواجه الأخير كانت ستختزل الى أقل من النصف لو تولى الحريري تشكيل الحكومة. فداخلياً كان سيتم تفادي وجود انقسام حاد حول التنصل من الالتزام بالمحكمة الدولية، وإقليمياً لن تكون الحكومة خيار حزب الله دون غيره من القوى، ودولياً لن يشعر العالم بأن لبنان مصفاة علاقته مع ايران.
في منطقة كالتي نعيش بؤسها أسرار كثيرة، وربما كان مفيداً للبنانيين، وإن بعد سنوات، اكتشاف السبب الحقيقي وراء إقصاء سعد الحريري في مرحلة تبدو الحاجة اليه، لمن لا يعرفون الأسرار من أمثالنا، ملحّة.

حازم الأمين- "الحياة"

السبت، 29 يناير 2011

الأمن هو اللا- أمن




يوم سقط نظام زين العابدين بن علي، ظهر أن الرعاع الذين اندفعوا في اعمال السرقات والسلب لم يكونوا غير مجموعات من أجهزة النظام الأمنية التي تخصصت في التحرش بالمعارضين. الأمر ذاته، لكن على نطاق أعرض، يحصل في مصر هذه الأيام. فالقسم الأكبر من اللصوص والنهابين يمتون بصلات إلى مباحث أمن الدولة والحزب الحاكم، على ما يمكن استنتاجه من التقارير الصحافية.
لا سر في هذه الممارسة. إذ ان "الأمن" في مفهوم الأنظمة السلطوية، في تونس ومصر وغيرهما، هو ضبط حركة المواطنين واحصاء اقوالهم وانفاسهم ومنعهم من كل ما يدخل في باب التعبير الحرّ عن الاختلاف والتمرد، وصولا إلى فرض انماط معينة من اللباس وقصات الشعر. فلا يهتم "الأمن" بالسلامة العامة ومكافحة الجريمة سوى باعتبارهما من ضرورات استبباب الحال لصاحب السلطان وتقليص تذمر الرعية.

عند انكسار حاجز الخوف عند المواطنين، تكشف أجهزة السلطة عن وجهها الحقيقي. فترمي جانبا غلالة القانون والنظام اللذين كانت تتذرع بهما لتبرير ممارساتها وتباشر أداء مهماتها من دون قناع. فإذا بها قوى للترهيب والترويع والاعتداء على المجتمع، في يد النظام السياسي الذي لا يتورع في ساعة غضبه وضعفه من رمي الناس بقفاز أجهزته المنفلتة من كل ضابط ورادع.
هذا ما تقوله عصابات الرعاع في القاهرة اليوم وهذا ما اعلنته مجموعات الأوباش في شوارع تونس قبل ايام.  

حسام 

الجمعة، 28 يناير 2011

فات أوان الإصلاح

فات السلطات المصرية قطار الإصلاح. كما فات حكومة زين العابدين بن علي قبلها. ولم يعد في وسع الرئيس حسني مبارك سوى اللجوء إلى القوة والقمع العاريين للحفاظ على سلطته. وإذا لجأ إلى ذلك صار كمن يدفع نفسه الى حافة الهاوية.
لم تعد الإصلاحات، مهما بلغت من العمق والاتساع، تكفي. المسار الذي سلكه الحكم في الأعوام الثلاثين الماضية، يمكن تلخيصه بترك الأمور على حالها في مجالات السياسات الخارجية والداخلية والاقتصادية. اضافة الى رفض التعامل مع المسائل الحساسة كالصراع العربي – الإسرائيلي وتوزيع الثروة الوطنية، وجعل الحزب الحاكم تكتلاً للمستفيدين من امتيازات الحكم، والامعان في تعميم الطابع الاستهلاكي على الاقتصاد والموقف من أسلمة المجتمع، وكل ما حملته العوامل هذه إلى مستويات القيم والثقافة والسلوك العام.
أسفر النهج هذا عن خسائر جسيمة في النواحي كافة. فتقلص موقع مصر في العالم وبين الدول العربية بعدما تبين أن دور الوسيط الذي تريد القاهرة الاضطلاع به بين اسرائيل والعرب، يتطلب امكانات وكفاءات لا تحوزها السلطة المصرية. وبات الاقتصاد المصري مكشوفاً أمام التبدلات الخارجية القاسية بسبب الارتباط بالأسواق المالية من دون وجود قوة إنتاجية فعلية. وتفاقم الاستقطاب الاجتماعي بالتزامن مع ضرب أدوات التعبير النقابي والحزبي والإعلامي. وصار في وسع دويلات لم يكن يحسب أحد حساباً لها قبل أعوام قليلة، تحدي الدور المصري في الكثير من الساحات التي كانت حكراً عليه.
ومنذ أشهر، يبدو التوتر آخذاً في التصاعد في مصر. وجرت الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) في ظل تعنت الحزب الحاكم والسلطات السياسية والامنية بتقليص مساحة التعدد السياسي في البرلمان، ثم وقعت جريمة تفجير الكنيسة في الاسكندرية وما أثارته من أسئلة عن معنى الوحدة الوطنية واتحاد «عنصري الامة». وقبل الحدثين وبعدهما، جرت جملة من الأحداث، كمقتل الشاب خالد سعيد وغيرها، بدا النظام غير قادر على اتخاذ أي اجراءات تسحب فتيل التذمر والغليان من شارع لا تنقصه عناصر الاضطراب والتوتر.
ما قالته أحداث الأيام الثلاثة الماضية، هو أن مستقبل الحكم قد خرج من أسرة الرئيس الحالي إلى من يمكنه إظهار قدرة على ضبط الشارع أو ترهيبه. المرشحون لأداء الدور هذا، قلة، هم قادة الجيش. والحكمة التي يتعين استخلاصها من أحداث تونس قبل أسابيع، ومن ثورات أوروبا الشرقية قبل عقدين، ومن الثورة الايرانية أواخر السبعينات، تشير إلى أن الأجهزة الامنية تنجح في اقامة وصون جدار الخوف عند المواطنين. أما عن انهيار الجدار النفسي، سواء في طهران أو في برلين أو في سيدي بوزيد، فإن الشرطة أضعف كثيراً من أن تعيد بناءه. الجيش هو المرشح الوحيد للإمساك بالوضع، في وقت تكون فيه أجهزة الامن تبحث عن مخارج لأفرادها.
أما على المدى القصير، فيمكن الركون إلى استنتاجين أولهما أن الوضع المصري لن يعود إلى هدوئه المفرط السابق. وثانيهما أن على مبارك البحث جدياً في السبيل الأنسب لخروج هادئ من الحكم قبل انفلات الأمور.
كان المصريون مستعدين، حتى أعوام قليلة خلت، لقبول بعض من إصلاحات اقتصادية ترفع مستوى معيشتهم مقابل التنازل عن كثير من حقوقهم السياسية. وخطأ السلطة القاتل يكمن في اعتقادها إمكان تجاوز حصتها في المقايضة هذه والمضي في حرمان المواطن من حرياته وخبزه، والذهاب، فوق هذا كله، الى السعي لتأبيد السياسة تلك عبر التوريث.

حسام عيتاني- جريدة "الحياة"

الأربعاء، 26 يناير 2011

الامانة العامة

لم أخفِ يوماً ضيقي بحزب الله. باشرت ضيقي بالحزب مبكراً جداً، اذ أنني نشأت على ذلك بفعل أسباب كثيرة، ربما أعرضها ذات يوم. لكنني اليوم لست بصدد التعرض لهذه الضائقة، انما بصدد عرض ضائقة موازية، منبثقة عنها، لكنها غير منسجمة مع صورها. ضائقتي هذه تتمثل في حقيقة انني أتشارك مشاعري حيال الحزب وحيال دوره مع كثر ممن يبعثون في داخلي مشاعر لا تقل سلبية عن تلك التي يبعثها الحزب في وجداني، وان كانت من غير مادتها.
ومن دون مقدمات كثيرة، وبكل صراحة ومن دون مواربة، لا أدري لماذا يبعث في كل اجتماع للامانة العامة لـ"14 آذار" تعرضه محطات التلفزة شعوراً يشبه الغثيان. مع اعتذاري من أصدقاء كثراً قد تظهر صورهم في هذا الاجتماع.
نعم هذا ما يصيبني وبكل صراحة. ثمة وجوه لا أعرف أصحابها، انما أتخيلهم، ووجوه أخرى أعرف أصحابها جيداً وأعرف سبب بعثها الغثيان في داخلي. وفي كل مرة يُقدم فيها حزب الله على فعلة وعلى خطوة يترجم فيها "فعاليته"، تجتمع الأمانة العامة هذه وتصدر بياناً يقرأه منسقها، وتتولى محطات التلفزة نقله عبر مقدمة تعرض خلالها صور الاجتماع، فيظهر فيها من بين المجتمعين رجل في العقد السادس من عمره ،شعره طويل، لا أعرفه، وأتساءل كلما شاهدته: من يكون هذا الرجل؟
نعم لي أصدقاء في هذه الأمانة العامة، من بينهم من أصابت "الأمانة" ذكاءه، وأفقدته حصافة.
هل لواحدنا ان يخجل من عدم انسجامه مع نفسه؟ انها واحدة من لحظات انعدام التوازن الداخلي، لكنها الحقيقة التي أخفيها عن كثيرين ممن يأملون مني ان أحب "الأمانة العامة" هذه. ففي أحد الأيام وبينما كنت عائداً من مقهى الـ"تشيز" في الأشرفية الى منزلي، مشياً، هناك حيث مقر "الأمانة العامة"، واذ بشاب من "اليسار الديموقراطي" يقترب بسيارته مني ويسألني "شو لوين على الأماني". هذا الشاب اعتقد أنني متوجه الى مكتب "الأمانة العامة". شكرته على عرضه على نقلي بسيارته وتابعت سيري مشياً الى منزلي!
هذه الواقعة العادية ولدت صوراً كثيرة في مخيلتي. "شو لوين على الأماني". تذكرت البداهة التي كنا نسمي فيها الأمكنة عندما كنا في مثل عمره. كان للحزب الذي أنتميت اليه في تلك الفترة مركزين في المدينة، الأول كان مركز "المحافظة" والثاني "المنطقية". الأول يدار منه نشاط الحزب في محافظة الجنوب والثاني يدار منه نشاطه في مدينة صيدا. وكنا نسمي الأول "المحافظة" ونسمي الثاني "المنطقية".
لا أدري لماذا أشفقت لحال الشاب، بعد ان استعدت ما لهجناه في سنوات كنا خلالها في مثل عمره. "شو لوين على الأماني"، قالها على نحو مختلف عما كنا نقولها نحن "شو لوين على المنطقية". ورحت خلال اجتيازي المسافة بين مقهى الـ"تشيز" ومنزلي، أجرب صوتي ناطقاًعبارتي "الأماني" و"المنطقية" لأقارن بين اللفظتين. وخرجت بنتيجة أشفقت فيها على حال الشاب، علماً ان المشاعر التي تصيبني عندما استعيد صوراً من فتوتي وشبابي في الحزب كثيرة ومتناقضة لكن الشفقة ليست من بينها.
ماذا يمكن ان تقدم "الأمانة" لشاب في مثل عمر صاحبنا. أحزابنا قدمت ما هو أبشع، لكنه لم يكن عديم الجاذبية. قدمت سلاحاً ونفوذاً وقادة عسكريين، وقتالاً وأعداء وتمرداً على الأهل، وكلاماً قليلاً وأفعالاً كثيرة، ونساء ورجالاً ووجوهاً ولحى طويلة. كل ذلك لا أتخيله موجوداً في "الأمانة"، وهو ما دفعني الى الاشفاق على حال الشاب المنتمي الى اليسار الديموقراطي والمتوجه الى مركز امانتها العامة.

على أي نحو يمكن تدبير "الاحباط السني"


حازم

لمزيد من الانسجام مع النفس، على تيار المستقبل وإعلامه ومفوهيه ان يستبدل العبارة التي يحرص على ان تسبق تعريفه رئيس الحكومة الجديد نجيب ميقاتي، وهي "مرشح ولاية الفقيه لرئآسة الحكومة اللبنانية" بعبارة أخرى، وهي "المرشح الذي نجح الولي الفقيه بايصاله الى رئآسة الحكومة اللبنانية". وليس ذلك من باب تبني عبارة "المستقبل" انما على سبيل البداهة والدقة. كما ان الاستبدال هذا يطرح على "المستقبل" مهمة ضرورية تعوزه في القادم من الايام، وتتمثل في مراجعة ما حصل بصفته فشلاً في الصمود في وجه "ولاية الفقيه"، تلك المهمة التي طرحها على نفسه. فالقول بان ميقاتي هو "المرشح الذي نجح الولي الفقيه بايصاله الى رئآسة الحكومة في لبنان" تعني ان ثمة من فشل في منع ذلك.
المكابرة لن تفيد، نعم هناك فشل حصل، وهناك من يجب ان يدفع الثمن، والا سيتكرر الفشل.
الأسابيع التي سبقت هذا الفشل حملت الكثير من الدلالات على هذا الصعيد، ولم تكن نقلة وليد جنبلاط الدراماتيكية وحدها من تواطأ على انتاج هذا الفشل. فرئيس الجمهورية ميشال سليمان لم يكن أقل انخراطاً في عملية اقصاء الحريري، وخطوة تأجيله الاستشارات عندما كانت المؤشرات في مصلحة الأخير عينة صغيرة على هذا الدور. الجيش اللبناني أيضاً أدى بعضاً من المهمة عندما وقف مكتوف الأيدي في ذلك الصباح الذي نزل فيه أصحاب البدلات السود الى الشوارع مهددين، وهو الأمر الذي دفع جنبلاط الى النتقال عنوة الى تسمية ميقاتي.
بهذا المعنى يمكن ان يسمى ميقاتي مرشح "ولاية الفقيه"، لكن في لبنان لا قيمة لهذه التسمية، اذ ان واقعة القمصان السود سريعاً ما يمكن هضمها في سياق بحث الطوائف عن ضلالاتها على حساب أي معنى، ويمكن لـ"المستقبل" ان يجري صفقة صغيرة تطيح بالدلالات التي حملتها تلك الواقعة.
من الواضح سلاح حزب الله هو حجر زاوية الحياة السياسية في لبنان. لا قيمة لشيء في ظله. لا انتخابات نيابية، ولا حسابات طائفية، ولا مؤسسات رسمية. وفي ظل هذه الحقيقة يبدو ان ما شُهر في وجه الحزب يُعزز قيمة هذا السلاح. الشيء الوحيد الذي شُهر في وجه سلاح حزب الله حتى الآن هو الطائفة السنية. وهذا الأمر يُفضي الى حقيقتين، الأولى تعاظم الحاجة الشيعية لهذا السلاح، ثم انبثاق حاجة الى سلاح موازٍ، اذا لم يكن "المستقبل" في صدد تأمينه، فان المتبرعين بذلك بدأوا بحثهم.
ما جرى في الشارع يوم الثلثاء المنصرم، يوم تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة، يؤشر الى ذلك. المشهد أوحى ان "المستقبل" بدأ يتداعى. فهو عجز عن الانخراط رسمياً في مشهد الشارع، لكنه عجز أيضاً عن التنصل مما جرى. هذا على مستوى الممارسة، أما على مستوى الخطاب، فقد كان الارتباك واضحاً بين التيار وبين وجوهه. فبينما كان سعد الحريري يوجه النداء الى الالتزام بالهدوء كان مصطفى علوش صائلاً في ساحة النور في طرابلس، واذا كان هذا مجرد توزيع للأدوار، فقد بدا ركيكاً ولا وظيفة له.
تحول "المستقبل" من ممثل لظلامة السنة معبراً عنها بوجوه النسوة والكهول، وبشرائح مدينية متوسطة، الى ممثلاً لغضبطهم وثأرهم. وهو أي "المستقبل" لن يتمكن من الاستمرار بهذه المهمة لأسباب كثيرة، أوجهها طبيعة زعامته، وأقلها وجاهة ركاكة بنيته.
لكن من سيرث الفراغ الذي سيخلفه ذلك؟
نجيب ميقاتي مثلاً؟ يبدو لي ان الأخير ربما يرث جماعة "الآنسات"، تللك المتنسكة برداء تدين مديني لا يمكن صرفه في ضائقة السنة اللبنانيين، مع ما يحيط بهذه الجماعة من قيم السكون المديني، والميل الى التدثر والانكفاء. أما متن الضائقة فلا حظ كبيراً لميقاتي لوراثتها. فـ"المستقبل" ربما ينجح بمهمة واحدة في القادم من الأيام، تتمثل في تثبيت ادعائه ان ميقاتي "رئيس حكومة ولاية الفقيه" في أذهان السنة اللبنانيين، وهو أمر لن يُساعد ميقاتي في سعيه للوراثة.
الورثة يجب ان تتوافر فيهم شروط أخرى، ولعلها المرة الأولى التي يشعر فيها المرء بان ثمة قادم جديد الى البيئة السنية اللبنانية، وذلك لاسباب كثيرة:
1- الفراغ الذي بدأ يُخلفه تصدع "المستقبل".
2- الاحباط الذي خلفته الخسارة في المواجهة مع حزب الله.
3- تماهي الضحية مع جلادها لجهة قوته و"فعاليته".
4- الشعور باليتم الاقليمي وبابتعاد "الامة" عن وليدها.
توافر هذه الشروط يدفع أصحاب طموحات الاستثمار الى مباشرة سعيهم. فلنتذكر ان البيئة السنية العراقية كان البعث معششاً فيها، وما ان تعرض موقعها للاهتزاز حتى استبدلته بخيار يليق بمواجهة الاقصاء.

«المارد السني» الخائف


 

على من هتف لخروج «المارد السني» من قمقمه أن يشعر بالرعب قبل غيره. ذلك أن انضمام مارد جديد إلى مَرَدة الطوائف الأخرى لن يزيد الطائفة السنية في لبنان سوى انخراط في سياسات الخوف والعزلة والهوية المذعورة.
السياسات تلك هي ما يرسم إطار الدائرة المقفلة التي يسير اللبنانيون فيها منذ أعوام: يخشى الشيعة من إسرائيل والدمار الذي تهددهم به ليل نهار. ويخشون على سلاحهم أن يُنتزع من قبل قوة عاتية تأتيهم على غفلة منهم. ويخشون خسارة المكتسبات التي حققوها في مؤسسات الدولة وزيادة حصتهم في السلطة منذ اتفاق الطائف عام 1989.
ويخاف السنّة من تلك الاغتيالات التي تلاحق كل شخصية تبرز وتتميز من بينهم، من رياض الصلح إلى رفيق الحريري مروراً برشيد كرامي وحسن خالد وكثر غيرهم. حتى بات البعض يعتقد أن مؤامرة تديرها أطراف عدة ترمي إلى منع السنّة اللبنانيين من إنتاج زعامات وكوادر على المستوى الذي تستحقه طائفتهم. ويخافون من صعود الطائفة الشيعية ورمزها الأهم، هذه القوة العسكرية التي نازلت إسرائيل وهزمتها في أكثر من موقعة ومواجهة، والحاملة خطاباً مذهبياً صريحاً. ويخاف السنّة من ارتقاء الشيعة اجتماعياً واقتصادياً وعلمياً في حين يرون أنفسهم في أسفل السلم الاقتصادي- الاجتماعي اللبناني. ويخافون من الحيوية الشيعية المدعومة سياسياً ومالياً وعسكرياً من قوى إقليمية دائمة الاستنفار، مقابل بلادة مقيمة عند قيادتهم ونخبهم واسترخاء مبالغ في معسكر «الاعتدال العربي».
أما المسيحيون فيخافون الشيعة والسنّة معاً. النموذجان اللذان يقدمهما أنصار «الإسلام السياسي» بشقيه الشيعي والسني، يتعارضان جذرياً مع كل القيم التي يقول المسيحيون أنهم يحملونها في هذا الشرق، منذ ألفي عام أو على الأقل منذ إنشاء علاقة مؤسسية مع الكنيسة الغربية في القرن السادس عشر. فلا ولاية الفقيه ولا الإمارة الإسلامية، أي الحدان الأقصيان لمشروعي الإسلام السياسي، يمكن أن ينطويا على ما يقنع المسيحيين اللبنانيين بالانخراط في أي منهما انخراط المؤيد الواعي. ويتراوح التحالف المسيحي مع القوى المذهبية الإسلامية المختلفة بين حدي التذاكي ومحاولة الاستيعاب. وسيكتشف المتذاكون المسيحيون، مثلما اكتشف اليساريون قبلهم، زيف أوهام توظيف الإسلاميين لمصالحهم الخاصة. فشل الاستيعاب سيأتي بطيئاً.
ويشي ما جرى أمس في لبنان، بتجذر النزعة المذهبية في تيار «المستقبل» على حساب اضمحلال المكون الوطني العابر للطوائف فيه. فاللجوء الى عنف الفقراء السنّة في المناطق الأكثر بؤساً وحرماناً، ليكون رافعة «المستقبل» في الاحتجاج على إقصاء سعد الحريري عن رئاسة الوزراء، وإن كان بجرعات محسوبة ولفترات محددة، لا يدع مجالاً للشك في تراجع التيار المذكور، ومن ورائه كل قوى الرابع عشر من آذار، خطوة إضافية عن التمسك بالنشاط المدني «الديموقراطي». وهذا من دون الانزلاق إلى سجال عقيم عن الحق في تحريك الشارع وما يكفله القانون وما يمنعه.
كما يُظهر تحريك الشارع على النحو الذي جرى فيه، خسارة 14 آذار لَبِنَة جديدة من خطاب عابر للطوائف موجه الى الحساسيات الوطنية العامة، بعدما صار الكلام يندرج في سياق الاحتجاج على «تعيين الجندي في ولاية الفقيه زعيم السنّة».
وما من أحد ساذج إلى حد تصوره تحميل القوى «الاستقلالية» همّاً يزيد عن مصالحها المباشرة. بيد أن انفراط عقد قوى 14 آذار وعودتها الى مكوناتها الطائفية والمذهبية الأولية لا يصب في مصلحة أي مشروع وطني في لبنان. و «المارد السني» الذي بشّر خطيب طرابلس بخروجه من قمقمه ليس إلا علامة جديدة على ضياع المشروع ذاك.

حسام عيتاني

الأحد، 23 يناير 2011

إقصاء الحريري: تبديد مبكر لفرصة دمشق اللبنانية



لنفترض ان الاستشارات النيابية اللبنانية أفضت الى تسمية مرشح «حزب الله» لرئاسة الحكومة في لبنان، وهو افتراض ممكن جداً في ضوء التراجيديا اللبنانية، ولنطلق خيالنا في رسم مشهد المرحلة المقبلة في لبنان.
بدايةً، ستحكم لبنان حكومة يرأسها سياسي سنّي عديم التمثيل، فهو في أحسن الاحوال نائب وحيد نجح في الانتخابات ضمن لوائح الحريري (نجيب ميقاتي)، وفي أسوئها خاسر في الانتخابات (عمر كرامي). المعادلة هذه توحي بأن الجانب السوري، وهو الذي تولى تظهيرها، لم يستفد من تجربته السابقة، والمتمثلة بإقصاء شريحة وجماعة.
فشل الجانب السوري في تجربته السابقة في لبنان، والدليل النتيجة التي حصدها في عام 2005، فبعد إدارة للأوضاع في لبنان اعترف هو نفسه بسوئها، وبعد تكريسه حياة سياسية أشرف على تقميشها من ألفها وحتى يائها على مدى عشرين عاماً، لم يتمكن من الصمود أياماً قليلة. صحيح ان اغتيال رفيق الحريري كان الواقعة التي أحدثت الانقلاب، لكن واقعة إخراج الوجود السوري من لبنان لم تكن لحظة، بل تراكُم ظروف وأخطاء لم تُعِرْها دمشق اهتماماً.
اليوم، يبدو ان الجانب السوري يكرر التجربة، من دون قفازات. صحيح ان هناك فوارق بين التجربتين، لكن الفوارق ليست لمصلحته على الإطلاق، فالفارق الأول يتمثل في عدم وجود قوات عسكرية له على الأرض، ولا يمكن ان يعوض عليه الحضور الأمني لـ «حزب الله» هذا الغياب، اذ إن الأخير قوة أهلية غير قادرة على اختراق بنى طائفية أخرى، وإن كانت «فاعليتها» الميدانية كبيرة.
الفارق الثاني يتمثل في ان الوجود والنفوذ السوريين في لبنان قبل عام 2005 كان متمتعاً بعباءة عربية ودولية متفاوتة المتانة، تبعاً لمراحل مختلفة، لكنها لم تنعدم يوماً، وهو أمر غير متوافر الآن على الإطلاق، فتفسير الجانب السوري وحلفائه لحدث الـ «2005»، المتمثل بالانسحاب السوري، بأن قراراً أميركياً اتُّخذ في هذا الصدد، وهو تفسير يمثِّل جزءاً من الحقيقة وليس كلها، يعني انه قبل هذا التاريخ لم يكن القرار الأميركي متخذاً. لكن السؤال هنا هو: هل ثمة قرار أميركي أو دولي بالسماح لدمشق بالإمساك بلبنان وتلزيمه لـ «حزب الله»؟ والجواب قطعاً لا.
يكرر الجانب السوري التجربة نفسها التي خاضها في لبنان بين عامي 1990 و2005، فهو أقصى المسيحيين منذ البداية، وأنشأ توازناً في الأدوار بين السنّة والشيعة: للسنّة الاقتصاد وللشيعة المقاومة، وله السياسة والقرار، وتحرَّكَ هو في الهامش بين الموقعين، موظِّفاً نفوذه على نحو سيئ ولكن محصن بالقبول الدولي وبهشاشة الوضع الداخلي. وفي عام 1998، قرر الإخلال بمعادلة كان مكلفاً بإرسائها ومستفيداً من اشتغالها. قرر إقصاء السنّة عن المعادلة، فأطاح رفيق الحريري من الحكم، فكانت النتيجة فوز الأخير في عام 2000 بالانتخابات النيابية في شكل لم يكن هو نفسه يتوقعه، وعاد الأخير الى الحكومة ولكن على نحو مختلف هذه المرة، إذ ان خصومة ضمنية كانت بدأت تنشأ بينه وبين الجانب السوري، خصومة أسست لمقاومة صامتة مارسها الرجل وانكشفت وقائعها بعد اغتياله. وفي عام 2004 كررت دمشق تجربة إقصاء الحريري عن الحكومة، وذهابها في الإخلال بالمعادلة الى أقصى الحدود عبر التمديد لرئيس الجمهورية في حينه اميل لحود، وكانت النتيجة خروجها من لبنان.
الحريري الأب لم يكن فقط رفيق الحريري، فالرجل كان لحظةَ توازنٍ اقليمي ودولي، وكان أيضاً ممثلاً لعصبية داخلية من الصعب ان تستقيم سلطة من دونها.
أما الفارق الثالث بين تجربتي النفوذ السوري في لبنان قبل الـ2005 وبعدها، فهي السرعة في التداعي، تلك التي تفرضها متغيرات عالمية. لقد سهلت وسائل الاتصال إمكان تجميع حركة اعتراض وبلورة خطاب مواجهة يعيد تصويب الأوضاع، ولم تعد لأدوات الضبط التقليدية الفاعلية نفسها. هكذا يمكن أن تكون للنموذج التونسي ملامح تتكرر في لبنان.
هذا لناحية الصعوبة التي تلامس الاستحالة، في عملية تشكيل حكومة من دون السنّة ومن دون الجزء الأكبر من المسيحيين في لبنان. اما الصعوبات الهائلة في أداء هذه الحكومة بعد اجتيازها عملية التشكيل فستكون مضاعفة، اذ إن حكومة عرجاء وضعيفة الحيلة ستكون المهمة المطلوبة منها الصدام مع المجتمع الدولي عبر إلغاء المحكمة الدولية. وتبدو هنا الخطوة السورية غير منسقة على الإطلاق مع ما أوحى به الجانب السوري لجهة مراجعة التجربة السابقة في لبنان. إذ كان من الحري به ان يوكل هذه المهمة الى حكومة يرأسها سعد الحريري، وهذا ما يبدو غير مفهوم في إطاحة الجانب السوري الحريري الابن، تماماً كما لم يكن مفهوماً إصراره على التمديد لإميل لحود، إذ كان في إمكانه في حينها الإتيان بمن هو أقرب اليه من لحود، من دون ان يجر عليه ما جرّه التمديد للأخير. وكم يبدو مكرراً على نحو صادم دفع وليد جنبلاط الى الامتناع عن تسمية الحريري اليوم، إذا ما تذكرنا ان رفيق الحريري دُفع عنوة الى التصويت على تعديل الدستور بما يتيح التمديد في عام 2004.
ان يُقال ان الظروف تغيرت، وإن ما كان خطأً في العام 2004 وقبله، لم يعد خطأ اليوم، فيه شيء من عدم الواقعية، فالظروف تغيرت لمصلحة ضرورة عدم التكرار، وإذا كان الحظ حليف الجانب السوري لجهة إتاحة الفرصة له مرة ثانية في لبنان، فإن تبديد هذه الفرصة بدأ على نحو مبكر على ما يبدو.

حازم الامين- "الحياة"

الانتحاري والمنتحر: وجها نفسنا المنكسرة


 

بين وصف عمرو موسى لحال الانكسار العربي، وبين ما خرجت به القمة الاقتصادية العربية، بون يقاس بالمسافة الفاصلة بين الخطابة والفعل. فلا يداني صحة الأولى إلا غياب الثاني.
ووفق الأمين العام لجامعة الدول العربية فإن «النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة والتراجع العام في المؤشرات الحقيقية، هذا إضافة للمشاكل السياسية». على أن موسى يترك سامعه من دون مرشد يقوده في تيه صحراء النفس المنكسرة. البطالة والتراجع في المؤشرات وسوء توزيع الثروات العربية ليست مما يفاجئ الأفراد والمجتمعات. فلم يحدث أن استيقظت أمة ذات صباح على تفاقم معدلات البطالة لديها، مثلاً. بل ما يشير موسى إليه من المسائل يتطلب الوصول اليه الأعوام والعقود المديدة.
كذا انكسار النفس. فلم تنكسر النفس العربية بين قمتين او ثلاث قمم. لقد وصلنا الى ما تحدث عنه الأمين العام بتراكم خيبات جعلت النفوس المنكسرة تستحق ان تحضر اجتماعات القمة ولو كضيف ثقيل يشار اليه همساً.
وانهيار الحكم التونسي في أقل من شهر، بعد حادثة إحراق محمد البوعزيزي نفسه، يكرر ما كان يقال من أن المواطنين العرب عموماً قادرون على تغيير أنظمة الحكم عليهم متى أرادوا، القضايا التي شغل اليسار العربي نفسه بها طوال عقود كـ «أزمة البديل» وتهيئة الظروف الموضوعية المؤاتية للتغيير، تحتاج - على الأقل - إلى إعادة نظر جدية. ومقارنة بما جرى في اماكن أخرى انهار فيها نظام الحكم وأدواته القمعية بسرعة، لم تحصل في تونس اضطرابات واسعة مشابهة لتلك التي شهدها العراق بعد سقوط بغداد على سبيل المثال.
لكن، علينا الانتباه هنا الى ان انطلاق الاحتجاج السلمي الذي لجأ التوانسة اليه، وعلى رغم ارتباطه بخصوصية تونسية لا تُنكر، يشير إلى عمق المأزق الذي بلغته أنظمة الحكم العربية. وبصرف النظر عن سفه بعض الأصوات التي ربطت بين «ارتماء نظام بن علي في أحضان الغرب» وبين سقوطه، فإن المؤشر الأهم يبقى أن الحكم التونسي كان من الأنجح اقتصادياً بين الدول العربية غير النفطية. غير أن النجاح هذا أجهضه عاملان هما الفساد الذي تركز في تشكيل عصابي قوامه أقارب الرئيس السابق، من جهة، وسوء التوزيع الشديد في المداخيل حيث اقتصرت عمليات الاستثمار التنموي في الجهات الشمالية للبلاد وفي العاصمة، ما جعل النمو المحقق (لم يتجاوز، في جميع الأحوال، الثلاثة في المئة بحسب أرقام البنك الدولي لعام 2009)، يضيع وتظل البطالة هي الظاهرة الأبرز اقتصادياً.
يضاف إلى ذلك أن تونس تتشارك مع عدد من البلدان العربية في تعرض طبقتها الوسطى الى الترقق (إذا جاز التعبير) حيث تدفع العوامل المذكورة أعلاه واحتكار السلطة في شريحة ضيقة، المزيد من المواطنين الى الهوامش. ويمكن الاعتقاد، بالاستناد الى الأدلة المتوافرة من وسائل الاعلام، أن الطبقة الوسطى هي التي تدخلت بقسوة ضد حكم بن علي لمنع اضمحلالها وانحدارها الى مصاف الطبقات الفقيرة.
كان انتحار محمد البوعزيزي، بهذا المعنى، عملية «استشهادية» دافع فيها عن القيم والطبقة التي كان ينتمي اليها والتي باتت تتعرض الى المهانة والذل. غير أن إسباغ السمات الرومنطيقية على عمل الشاب التونسي المصاب باليأس بسبب تجاوزات افراد الشرطة المحلية ضده، يأتي بفضل نجاح الثورة التي اطلقها عمله. أما الشبان الذين أحرقوا انفسهم في الجزائر ومصر وموريتانيا، فلم ينتبهوا إلى أن للعنف تاريخاً في بلادهم يزيد كثيراً عن العنف الذي شهدته تونس في الأعوام العشرين الماضية، ما رفع مستوى حساسية المواطنين التونسيين حيال إحراق شاب نفسَه، في حين أن عملاً مشابهاً في القاهرة أو الجزائر اللتين مرتا في الأعوام الماضية بحالات عنف سياسي وأهلي متعددة، لن يترك الأثر ذاته.
ولنا أن نتخيل إقدام شاب عراقي على إحراق نفسه في أحد شوارع بغداد، مثلاً، وما يمكن أن يثيره من ردود فعل بين مواطنيه. الأرجح أن العراقيين الذين يعانون من الحالة المزرية للخدمات ومن البطالة وكل أنواع الأزمات الاقتصادية، لن يلتفتوا الى ما فعله الشاب المتخيل بسبب طغيان البعد السياسي – الطائفي على اهتماماتهم، وأيضاً بسبب المستوى المرتفع من العنف المتداول يومياً بينهم. فلا يعود عنف موجّه ضد الذات يلخص فيه مرتكبه ما يشعر أن المجتمع يمارسه ضده، يعني شيئاً بين أناس يعاينون يومياً ظاهرة الانتحاريين الجهاديين. وهؤلاء، على عكس المنتحرين بإشعال انفسهم، يكثفون بفعلهم ما يختزنون من كراهية ضد المجتمع الذي يفجرون انفسهم بين ممثليه.
والانتحاريون، بقناعاتهم «الجهادية»، يشكلون الوجه الآخر للنفس العربية المنكسرة التي تحدث عمرو موسى عنها. ذلك ان الإقدام على هذه الخطوة هو بمثابة اظهار الاستخفاف بالحياة واحتقارها في سبيل قيم لا تعلمها سوى الجماعة التي خرج الانتحاري من ظهرانيها. وهو، على عكس المنتحر احتجاجاً، لا يوجه رسالة الى الجماعة التي ينتحر في وسطها ويدعوها الى النهوض لانتزاع حقوق سليبة، بل هو ينقل رسالة من جماعته الى الجماعة المستهدفة يرسم فيها خط انفصال عميق بين الفئتين او الطائفتين او الشعبين.
ولعل من المبكر الحكم على ظاهرة المنتحرين «المطلبيين»، والقول بقدرتها على تعبئة الشارع ضد نظام وسلطة. والى جانب الحقيقة القائلة ان قتل انسان نفسَه يظل عملاً مثيراً لاهتمام البشر الآخرين، ولتحفظاتهم أو تشجيعهم، من المفيد ملاحظة النزوع الذي تمثله الظاهرة لأفراد إلى الانفصال عن جماعاتهم ومخاطبة مكامن الحساسية فيها. يقظة الجماعة أو استغراقها في الخمول، مسألة تخضع لحسابات أخرى أكثر تعقيداً.

حسام عيتاني- "الحياة" 

السبت، 22 يناير 2011

يعني رح يتحسن الاقتصاد؟ رح يخف الفساد؟ رح ينكشف مصير المخطوفين؟ رح تتوقف إهانة الناس من قبل موظفي الدولة "المدعومين"؟ رح تخف السيارات "المفيمة" من الشوارع؟ رح تصير الجامعة اللبنانية تعطي شهادات محترمة؟ رح يتعالج المرضى قبل ما يموتوا امام المستشفيات؟ رح يقدر الناس يعلموا اولادهم بالمدارس الرسمية؟ رح يصير الأمن حق لكل انسان ؟رح يلاقي الشباب شغل بعدما يتخرجوا؟ رح يبطل لبنان بيت دعارة لكل مين معه مصاري؟ رح نشعر باحترام لانفسنا اننا مواطنيين مش رؤوس غنم بقطيع؟  

الجمعة، 21 يناير 2011

الطلب الوحيد

طلبي الوحيد من الحكومة المقبلة أن تخفض ضجيج مكبر الصوت الذي يدعى "وزراء التيار الوطني الحر". لا أكثر ولا أقل.

حسام 

الحقيقة ليست واضحة

 
متأخرة جداً وضعيفة جداً محاولة قوى 14 آذار تصحيح صورة إدارتها الاقتصادية والمالية للحكومة.
ومحاولة الوزير جان اوغاسبيان والنائب غازي يوسف، في مؤتمرهما الصحافي أمس، وضع كل اتهامات المعارضة لرئاسة الحكومة وللوزارات التي كان يتولاها وزراء يؤيدون 14 آذار، في خانة التشهير السياسي، تفتقر إلى الدقة وإلى النزاهة في آن.
وخلافا لما قال الوزير والنائب، فالمسائل المالية والاقتصادية التي طرحها وزراء المعارضة، لا تجد تفسيراتها اللازمة في الاجراءات القانونية والتعقيدات التقنية التي بدا أن وزراء قوى 8 و14 آذار يتبادلون الاتهامات بالقصور عن فهمها. وعلى عكس ما قال اوغسابيان ويوسف، فالحقيقة «ليست واضحة».
وليس كشفاً عظيماً القول أن الحكومات اللبنانية، منذ نهاية الحرب الأهلية إلى اليوم، اتبعت سياسات معادية او على الأقل متجاهلة لمصالح الطبقات الأفقر، بذريعة تقديم أولوية جذب أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات الى البلد للمساهمة في إعادة اعماره. أدت السياسة تلك، وما صاحبها من رؤية أحادية الجانب إلى مسائل التنمية، إلى تراجع خطير في التقديمات الاجتماعية والتربوية التي يضمنها القانون للبنانيين، من ضمان اجتماعي وصحي وإمكان الحصول على علاج مجاني، ناهيك عن أحوال مؤسسات التعليم الرسمي التي بدا كأنها تتعرض الى حرب غير معلنة من قبل الدولة.
نقطتان ينبغي التشديد عليهما في معرض الحديث عن الممارسات الاقتصادية –الاجتماعية التي ما زال لبنان يشهدها منذ عشرين عاماً تقريباً. الأولى، هي أن سياسة الإسراف في الاستدانة وتبني أولويات خاطئة انعكست تهميشاً للاقتصاد الانتاجي لمصلحة الاقتصاد الريعي، وتتحمل مسؤولية هذه السياسة كل القوى التي شكلت ائتلافاً أمسك بنصاب السياسة والاقتصاد في الفترة المذكورة، وهو يضم، إلى جانب رفيق الحريري، عدداً لا يستهان به من «رموز» المعارضة الحالية والدولة الاقليمية التي ترعاهم. عليه، ليست «الحريرية» التي يكثر الحديث عنها حالياً سوى المصطلح الفضفاض لشراكة عريضة من السياسيين اللبنانيين والسوريين، تشاركوا في إدارة اقتصاد اقل ما يقال فيه انه يفتقر الى التخطيط والرؤية العامة. النقطة الثانية، أن النهج السابق ما زال يحظى بدفاع مستميت من فريق 14 آذار رغم إفلاسه ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم تترك مجالاً للشك في ضيق أفق الخيارات التي اتبعت في مطالع التسعينات. ورغم أن الوقت قد آن للتحول إلى سياسات أقرب إلى حساسيات اللبنانيين الذين يعانون من تدهور الخدمات والانفلات غير المبرر في أسعار السلع الاساسية، إلا أن المسؤولين عن السياسات المالية والاقتصادية ما زالوا يعلنون تمسكهم بنهج يقول «دعوا الاسواق تعثر على توازنها بنفسها»، وهو ذات النهج الذي ثبت عقمه.
أما المعارضة التي لا تنتبه إلى المأساة الاجتماعية سوى في لحظات التوتر والانقسام، والتي تصعّد اتهاماتها لممارسات استفاد منها بعض كبار المعارضين، فقد جعلت من الأزمة المعيشية خرقة تستخدمها لتغطية استخدامات سياسية لا تخفى على لبيب. لذا، لا تتسم بحد أدنى من الصدق تلك السرديات عن الدهاليز والأروقة التي يمر المال العام بها وفروسية وزراء المعارضة في إنقاذ الثروة الوطنية من بين أنياب تنين «الحريرية».
ويندرج ذلك في سياق حرف الحقيقة عن موضعها وتقديمها أجزاء وأنصافاً إلى جمهور يعاني، إلى جانب صعوبات تدبر خبز يومه، من ضعف كبير في الذاكرة.

 حسام عيتاني  


الأربعاء، 19 يناير 2011

صباح أمس أرسل لي فادي "SMS" قال فيها:did u wake up؟
أجبته على الفور: yes.... ولم ينتظر طويلاً حتى عاد وسألني:do u know whats going on
عندها كان لا بد من وقف التخاطب عبر الرسائل واللجوء الى الاتصال المباشر. فقد كانت الساعة السابعة صباحاً، وكنت أهيىء نفسي للذهاب بأبني الى المدرسة.
 قال فادي انه سمع عبر التلفزيون خبراً عن انتشار عناصر من حزب الله في مناطق في محيط الوسط التجاري. لكن فادي يسكن في هذه المناطق تحديداً، وهو سمع بالخبر من التلفزيون، في حين يستطيع هو ان يقف على شرفة منزله لمعاينة صحة الخبر. وعندما سألته عن ذلك قال انه من منزله، او من غرفته، يشعر ان أمراً غير طبيعياً يحصل. بدا انه غير مستعد للتوجه الى الشرفة! لكن ما هو ذلك الأمر الذي يشعر بانه يحصل؟ وكيف لشخص ان يشعر من غرفته محكمة الاقفال ان ثمة ما يجري في الشارع تحت منزله؟
لا شك ان حاسة ما انضافت الى حواس الشم واللمس والنظر والسمع صارت تتيح لنا ان نشعر بان ثمة ما يجري حولنا، او ان نتخيل ذلك على الأقل.
فادي، لمن لا يعرفه، يمكنه ان يُصاب بذلك. اي يمكنه ان يحول وقائع تجري او لا تجري في الشارع الى نبض يشبه دبيب النمل في جسمه. يمكنه ان يصاب جراء ذلك بصداع او ان يشعر بالحاجة الى حك جسمه.
"أشعر ان أمراً غير طبيعي يجري في الشارع"، عندما يقول لك أحد ذلك في الساعة السابعة صباحاً، ومن دون ان يكون قد عاين ذلك بحواسه التقليدية، ففي الأمر فعل هذياني. لكن من الذي يهذي، فادي أم الشارع؟ لا أدري لماذا استعدت واقعة جرت في طهران، فور سماعي جملة صديقي الهذيانية تلك. فقد كنت مع صديقي محمد نقيم في فندق آزاد في شمال طهران في غرفتين متجاورتين، وكان ذلك في العام 1996. وفندق آزاد يبعد نحو كيلومترين اثنين عن أحد أشهر سجون طهران، أي سجن إيفين، الذي سُجن فيه كثيرون من "أعداء" الثورة الاسلامية في ايران.
وفي احدى الليالي التي لم يُسعفني فيها النوم باكراً، على نحو ما يصيبني في كثير من مدن  أزورها، قررت وقف معركتي مع الفراش، والتوجه الى الشرفة. كان الوقت الثانية فجراً، وما ان وقفت على الشرفة حتى اكتشفت ان محمد يقف على شرفة غرفته صامتاً ومصغياً الى الظلام، اذ لم يكن في مقابل الشرفة الا الظلام! سألته ما اذا كان غير قادر على النوم فنفى، وقال: أحاول الاصغاء بتركيز عساني أسمع أصواتاً منبعثة من السجن. كان ذلك مستحيلاً، لكنك في طهران قد تشعر أن للمحاولة معنى. يمكن في طهران ان تشعر ان الليل والظلام الحالك قد يوصلان اليك صوت سجين ما في سجن إيفين. انه هذيان طهراني، على نحو ما صار لبيروت هذيانها، ولصنعاء ودمشق وغيرها من مدننا...
أوصلت ابني الى المدرسة مغلباً اعتقادي بعدم صحة الخبر، وميلي الى تفسير شعور فادي بانه شيء من نوع "حزب الله سندروم" التي أصابتنا جميعاً في أعقاب "7 أيار". وفي الطريق الى المدرسة اتصلت بصديقة عساها تساعدني في تحديد خط انتشار محتمل لـ"شباب الحزب" فاتفاداه. الصديقة لم تكن على علم بالوقائع الوهمية التي تجري. لم تشاهد التلفزيون، ولم يتصل بها فادي. علماً ان الطريق الذي أسلكه متوجهاً من منزلي الى المدرسة، يسلكه زوجها كل صباح الى مكتبه، فتوليت انا نقل ما أعاينه على الطريق لها. كانت الساعة في حينها بلغت السابعة والنصف، ولم أشاهد شيئاً غير طبيعي. من السوديكو مروراً بالداون تاون ووصلاً الى جل البحر. كل شيء عادي، باستثناء انعدام الازدحام.
وصلت الى المدرسة وترجل آدم ابني من السيارة وأطلق نظرة الى البحر مصحوبة بابتسامة عادية، وتوجهنا الى الرصيف الذي يُفضي الى بوابة خصصت لدخول التلامذة الذين في عمر ست سنوات وما دون. ولم ألتق اثناء دخولنا بالكثير من الامهات الممسكات بأيدي أولادهن متوجهات بهم الى المدرسة، خلافاً لما يحصل كل يوم.
ضحكت في طريق عودتي كثيراً على ما قاله فادي. تذكرت ان صديقي هذا مصاب بشيء من الخرس، اذ انه عجز عن ان يُفسر لي ماذا كان يعني عندما قال انه يشعر بان ثمة ما يجري في الشارع. فسّرت ذلك بانه نوع من الإعياء الهجاسي الذي أحبه في صديقي. ولم أفكر للحظة  ان فادي كان مصيباً بما شعر به... من دون ان يراه او يسمعه او يشمه.
في المقهى اكتشفت ان فادي كان محقاً، فقد انتشر عناصر يرتدون ثياباً سوداء في بيروت وفي المناطق المحيطة بالوسط التجاري فيها. اي في المناطق التي عبرتها. لكنهم غادروا في السابعة صباحاً. بدأوا انتشارهم في الخامسة صباحاً وأنهوه في السابعة. حصل ذلك على نحو عفوي على ما قال مسؤول في حركة أمل.
"على نحو عفوي في الخامسة صباحاً". وعندما سمعت بذلك، استعدت مشهد خروج أبني من السيارة متوجهاً الى المدرسة ومطلقاً العنان  لانظاره تطارد سفينة في البحر. أصبت بحيرة عندما حضرني ذلك من تلقائه. ربما كانت مقارنة غير واعية وغير منضبطة بين عفوية التصرفين. وربما تسلل شك الى نفسي جراء السخرية التي رحنا نتحدث فيها عن "التحرك" الذي نفذه حزب الله. اذ ان عفوية من هذا النوع ربما تكون مقيمة أيضاً في ذهن طفل لم يبلغ الست سنوات!!! لماذا فعل ذلك على كورنيش البحر، فالأمر محير فعلاً؟ وكيف لطفل ان يقف من تلقائه في مواجهة البحر، من دون ان يرف له جفن.
علينا منذ الآن ان نكف عن أي فعل عفوي. لقد أصابنا الشك ولم يعد في امكاننا ان نفعل ذلك. لقد أفسَدنا القرار بالتحرك العفوي وصار علينا ان نغض الطرف عن باخرة عابرة في بحرنا.

حازم الامين